أَحِنُّ إِلَى الْأَكْوَاخِ الْأَفْرِيقِيَةِ الْمَشْوِيَةِ تَحْتَ الشَّمْسِ ،
أَحِنُّ إِلَى أَذْرُعِ النِّسَاءِ الْخُلَاسِيَاتِ فِي مُدُنِ الْجَنُوبْ ،ِ
إلَى مَوَاقِدِ الْقُرَى النَّائِيَةِ فِي لَيَالِي الشِّتَاءْ  ،
إِلَى رَطْبِ النُّهُودِ يَسَّاقَطُ عَلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعْ .
أَحِنُّ إِلَى مُدُنِ بَعِيدَةٍ ، مِنَ الْأَرْصِفَةِ وَالْحَنِينْ ،
مُدُنٌ ، أَكْثَرَ حُرِّيَةً مِنْ عَوَاصِمِ الْغَرْبِ ،
حَيْثُ الْغُرَفُ مُكْتَظَّةٌ بِالْخُصُورِ الْجَاِثيَةِ عَلَى الْأَسِرَّةْ ،
وَالْعُيُونُ الْبُنْدُقِيَةُ تَمُدُّ رُمُوشَهَا خَارِجَ زُجَاجِ النَّوَافِذِ وَالشُّرُفَاتْ  ،
 وَوَفْرَةُ الشِّفَاهِ عَلَى الْأَرَائِكْ ،
تَتَضَوَّرُ شَهْوَةً إِلَى الدِّفْءِ كُعُبَّادِ الشَّمْسِ .
يَا بِلَادِي !

أنا الغجريّ
لا يحدّني الزمكان ..
لا أفهم من القوانين شيئاً !!
للشمس رحيقٌ
في جسدي !
أريد امرأةً ..
تريقها الآلهة
كآخر كأسٍ في شفتي !
امرأةً ..
تذهب بالعصافير
ثورةً للتوحّش !

ليس سوانا
أنا وظلي في ألواح الحكايات
نتلوى وننفطر
مثل جسد زهرة من بكاء
فرشت أهدابها على الكروم
لاشيء سواي وحمم الصور
تغسلنا الطفولة
نستمطر الموت
حيث يتمدد قلبي
فوق أوراق التوت
أنا إن رحلت

و صليبي يصرخ الصحراء
ها دنوت من القيامة
اقتلوني
كما أشاء
كما المحارب يوم البحر
وعلقوني
علقوني بين الكنائس
والعابرين إلى أورشليم
حتى يكتمل البقاء
***
إن كان هناك من ضحية

الطيبون سلالة منقرضة
خلاصة زهر وماء
برك من الصفاء في عواصف من غبار
شفافة أرواحهم كأحلام الفراش
هشة نفوسهم كزجاج الصدفة
هادؤون كاستفاقة فجر صيفي
ومشفقون كأم ّ أتعبها الفراق
الطيبون يتألمون في صمت الجرار
إذ يغادرها الماء
وفي بكاء القناديل المنطفئة
لكنهم متسامحون كزنابق الوادي

واتّكأت على آخر دمعة ..
والليل طاولة وحي
فمارست الليل سفراً إلي
لم أمت ..
تقمّصتني النهاية !!
**
من أيّ فراغٍ أنت ؟
حضارة كان !!
وأنت ... أيّتها البجعة
من أيّة بحيرة ؟
بحيرة كان !!

أحملق في الوجوه
التائهة
بحثا عن وجهي
 الضائع
إثرها تحرك
نسيم يغازل
أحزان المدينة
القصر الصغير
ممر ضيق
 للعابرين
المهجرين .

هؤلاء الغرباء في أوطانهم
المبثوثون كالملح في السهول والجبال
المعرشون كاللبلاب في القصبات القديمة
كيف لنا أن نقنعهم بالرحيل؟
بأن أرضهم لا تسعهم
وبأن النحل الذي ينتظرون شهده
سيلسعهم
كيف سنقنعهم بأن المطر إذا نزل
سيجرفهم
والصبار إذا أزهر
سيطعنهم بشوكه

 كل شيء واضح فوق السحابِ
نعجة في فكّ ذئب عاسل
يؤدياّن مشهدا من مسرحية الصراع الأزليّ
يتصارعان حول ما تبقى من منى أو أمل
قبل انحسار العبثيّ الواقعيّ في تلابيب الغيابِ
 بيد أن سوء حظ الذئب أنّ كل صوف في المَدَى
يغدو ردى
 
كل شيء واضح فوق السحاب
قطة ترنو إلى فأر شريد
لا يبالي بالطّوى الذي يئن في المواء

-1-
بالكاد أستطيع
أن أحمل على ظهري المقوس
تلك الصخرة الناتئة،
سأمضي بها إلى مكان آمن
خال من كل تلك الزمجرة
التي تحول دونها والنوم..
-2-
وأنت تتأهب للنوم
تذكر أنك نسيت دماغك
تحت كونتوار ذلك البار الحقير

أرتجف من لسعات البرد في الظلمة
كوني موقدا و شمعة تنير وحدتي
أنا المثخن بالجراح و سيل الأنواء
تبدّدت وحدة قافلتي
صار حديثي إرتدادا بلا رجع صدى
السهام في ظهري مازالت تضع أوزارها
آثار الخطوات الخائنة تحتفظ بها ذاكرتي
يتلون سيرهم الذاتية و كأنّهم انصاف ألهة
لا يذكرون أحاديث الكواليس
لا يذكرون الإمضاءات المشوّهة
لهم من رزق الدنيا ما يكفي لشراء الأقنعة

خذ لك قسطا من الراحة،
أنت في حاجة للبحث عن نفسك،
لانتشال روحك،
من ضياعك المتعدد،
من هدر الجهد والزمن،
من تكرارك الأبدي، في اعادة حمل حجر سيزيف،
من غَفَواتك المرضية كأنك لم تتعلم يوما من الممارسة العملية،
من غرورك الغير مبرر،
.....
لا تلعن لا هذا ولا ذاك،
الظلام الذي يحجب طريقك

هذا وطني
يقول النَّوْرَسُ حِين يَعتلي شُمُوخَه
شَاهِراً زَهْوَ الخَطَوَاتِ
هَذَا وَطَنِي،
هذا وَجَعِي،
أُطَوِّعُه يُطَوِّعُنِي
ألعنـــه حينا
وحينا أرْتَــــمي في صَدره
هذا وطني
وأنَا المقْهُــــورُ لا أبْـــغِي غَـــيرَهُ سَكَني
تُشِيرُ عَلَي الرِّيح

في كتاب اللّاحياة
حرفٌ ينمو ..
**
كانت طيفاً
بقدمين ..
كانت تعدو
وخلفها القمر
يلعبان الغمّيضة
مع البحيرات
في جزيرتين من الهديل
كانت ... كا...نت ..

مَاذَا عَسَاهَا تَقُولُ لَكَ؟!
وَمَاذَا عَسَاه يَنْفَعُ الْكَلَاَم ؟!
ضَجِر مِنهَا وَمِنكَ كُلُّ الْكَلَاَم...

هَا أَنْتَ الْيَوْم تَقِفُ أَمَامهَا مِنْ جَديد
تَنْتَفِضُ كَالْمَوْجِ الْهَائِجِ فِي جُنُون
وَقَدْ عَلَا صَوْتُكَ يُدَوِّي كَالْإعْصَار
يَقْطُف نَوَر الْأَمَل السَّاكِن فِي الْعُيُون
تَقْتَلِعُهَا مِنْ مَكَانهَا حَتَّى الْجُذُور
تَنْتَصِبُ غَاضِبًا كَعَمُودٍ مَنْ جَلِيد
لَا وَلَنْ يَلِين...

ماذا لو كنت  انا ايضا
راكعا متوسلا
أؤم اكثر من وجهي تماما؟
ماذا لو كنت
بالكاد امشي في صحراء انقاضي
وحيدا فارغا من اي قطرة ماء؟

الارض
لا وقت لنا للهروب
قال الحارس.

و عندما ألمح فجأة
دركاته المحنطة
 قبل دهر أسفل حدقته
أُدرك سر الغيم ..
سر النقاط العرجاء
على جادة الرؤيا
سر كوابيس
تقتات عقارب زمني
أُدرك أن ما في الجبة
غير
الخراب

سَأُبْطِلُ عَادَةَ شُرْبِ الْقَهْوَةِ عَلَى رَصِيفِكَ ،
وَأَنَا أَحْلُمُ بِنِسَاءْ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ ،
وَأَرْنُو إِلَى الشَّارِعِ يَسِيرُ بِالْقُبَّعَاتِ وَالسِّيقَانِ الصَّقِيلَةْ .
كَمَا سَأَتَخَلَى عَنْ مُطَارَدِةِ الْحَرَادِينْ تَحْتَ سَمَائِكِ الْمُنْصَهِرَةْ ،
لَقَدْ كَبِرْتُ يَا وَطَنِي .
كَبِرْتُ عُنْوَةً ، وَنِكَايَةً فِيكَ  ،
وَلَمْ أَعُدْ ذَلِكَ الطِّفْلَ الَّذِي يَخْتَبِيءُ فِي الزَّوَايَا ، وَخَلْفَ الْأَرَائِكْ  ،
وَبيْنَ سِيقَانِ الذُّرَةْ ،
خَوْفاً مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي بِلَا قَدَمَينْ .
شَارِبِي غَدَا مَعْقُوفاً كَالْمَحَاجِنْ ،
وَسَاعِدَايَ أَصْبَحَا كَالْمَجَادِيفْ ،